شكرا على متابعتكم خبر عن الروشتة الخفية لإعادة توافر الأدوية في مصر.. من تعطيش السوق إلى حرب الحكومة لرفع الإنتاج
إذا كنت مريضا بالسكري، وذهبت إلى صيدلية خلال أول 8 أشهر من العام الجاري لشراء عقار الأنسولين أو الغدة الدرقية، فعلى الأرجح لن تجده متوفرا إلا بحجزه مسبقا، أو تضطر إلى شراءه من السوق السوداء بأضعاف سعره.
كان هذا الحال مع نحو 3 آلاف صنف من الأدوية والعقاقير المستخدمة في حياة المرضى يوميا في مصر، خلال فترة شهدت شحا كبيرا في إنتاج الأدوية محليا، ونقص المستورد منها بسبب تدابير الدولار وتقلص السيولة المالية لدى الشركات والمصانع.
بدورها اتخذت الحكومة، عدة خطوات مع شركات الأدوية العاملة في السوق المصري، لإعادة القوة الإنتاجية، لكن كان لها تكلفة مرتفعة على المرضى ومربحة بشدة للشركات، حتى أن رئيس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولي، الذي اعترف عدة مرات بوجود نقص في الأدوية بالسوق المصري، خرج وقال إن أزمة نقص الأدوية في مصر، وصلت لمرحلة النهاية وباتت كافة الأدوية متوفرة.
تفاصيل بداية نقص الأدوية في مصر
قال علي عوف، رئيس شعبة الأدوية في اتحاد الغرف التجارية، في تصريحات لـ القاهرة 24، إن السوق المصري شهد عودة 95% من نواقص الأدوية التي شهدت الأزمة الأكبر منذ بداية العام في مقدمتها أدوية الأنسولين التي كانت تشهد حالة من الشح في معظم المناطق.
وأضاف أن الحكومة حلت معظم مشاكل شركات الأدوية التي كانت عالقة منذ نحو عامين، لكن هناك نقص في بعض أدوية الأورام بسبب الخامات الدوائية، وتعمل شركات الأدوية على تفاديه.
وتتوافق تصريحات عوف، إلى حد ما مع تصريحات الحكومة بشأن عودة توافر الأدوية بدون نواقص في السوق المصري، موضحا أن السبب الرئيسي في نقص الأدوية الذي شهده السوق المصري هو تحرير سعر الصرف وضرورة تحريك أسعار أصناف الكثير من الأدوية.
وقال الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، في 9 يوليو 2024، في مؤتمر صحفي، إن تحريك أسعار الأدوية سيكون بحسابات دقيقة، وهناك خطة لتحريك محسوب لبعض الأدوية من هنا، لآخر العام، لضمان عدم وجود أي نقص في الأدوية.
خطة تحريك أسعار الأدوية
وفي 17 يوليو الماضي، أوضح مدبولي، خلال مؤتمر صحفي، أن خطة تحريك أسعار الأدوية تشمل 3000 دواء، تمثل 90% من حجم تداول السوق، وأنه كان من المفترض تنفيذ هذه الخطة مع الشركات للتحرك فيها تدريجيا حتى نهاية العام، موجها بالانتهاء من الأمر بأسرع وقت ممكن، بحيث تنتهي أزمة الدواء خلال 3 أشهر، بحيث تعود الأدوية الرئيسية بنفس معدلاتها المعتادة.
وبعد 3 أشهر بالفعل، خرج رئيس مجلس الوزراء، في مؤتمر صحفي، وقال إن أزمة نواقص الأدوية انتهت خلال الأيام الأخيرة، مع توفير كافة الأدوية الأساسية للمرضى، قائلا: بالنسبة لقطاع الأدوية نجحنا في عبور الأزمة التي كانت في فترة ما، وكل الأدوية الأساسية متوفرة بالكامل، ونعمل مع كل شركات التصنيع لزيادة المخزون الاستراتيجي لمدة 6 أشهر، وهي تصريحات تداولها عدد من رؤساء الشركات في حديثهم مع وسائل الإعلام والتلفزيون في مصر، منهم جمال الليثي رئيس غرفة صناعة الأدوية التي تضم كبرى شركات الأدوية العاملة في السوق المصري.
لكن ما لم تذكره الحكومة، ولا الشركات هو التكلفة الباهظة والروشتة الخفية لإعادة توفير الأدوية في السوق المصري، وهو ما يكشفه التحقيق التالي لـ القاهرة 24، والذي يعرض بداية أزمة الأدوية في مصر، ومراحل تطورها، وتحرك الشركات للضغط على جهات رقابية على التسعير لرفع أسعار الأدوية، مستغلين الأحداث الاقتصادية في مصر، لتعزيز مكاسبهم، وصولا إلى تعطيش سوق الدواء، ثم إعادة الإنتاج مجددا بعد تلبية رغباتهم بشأن الأسعار.
بداية تعرض المصانع لموجة تعثر
قالت مصادر في قطاع الأدوية، لـ القاهرة 24، إن صناعة الأدوية تعرضت لضربة قوية بعد تحرير سعر الصرف في مصر في 6 مارس 2024، مما اضطر بالشركات المصرية وغرفة صناعة الأدوية بالحديث مع هيئة الدواء المصرية، بقيادة الدكتور علي الغمراوي، في 9 مارس، وهي الجهة المنوطة بدراسة ومنح موافقات رفع أسعار الأدوية، وإخطاره بأن فقد الجنيه لـ 65% من قيمته دفعة واحدة أمام الدولار، يحتاج إلى رفع أسعار الأدوية في مصر بنحو 100% لكافة أصناف الأدوية لـ 100% من الأدوية والعقاقير في السوق المصري.
مطالب لتصحيح أسعار الأدوية
وأوضحت المصادر، أن الشركات عرضت على رئيس الهيئة رفع أسعار الأدوية على عدة مراحل خلال عام 2024، الأولى رفع أسعار الأدوية 40% خلال إبريل و40% خلال أغسطس و20% خلال ديسمبر 2024، لكن رئيس الهيئة كان يحتاج لموافقة رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، وهو ما حدث بالفعل.
والتقى الطرفان في 24 مارس 2024، وفق بيان لمجلس الوزراء، وعرض رئيس هيئة الدواء المقترح على رئيس الوزراء، ولم يرفض بدوره وأكد على ضرورة دعم الصناعة واستمرار مصانع الأدوية في عملها حتى لا تتعرض لخسائر، لكن يجب أن توافق الجهات الحكومية المعنية الأخرى على تحريك أسعار الأدوية، وهذه التصريحات لم يذكرها بيان مجلس الوزراء الصادر عن ذلك اللقاء، لكنه تحدث عن منهجية العمل والتعاون مع الأمم المتحدة.
وبحسب المصادر، فإن زيادة أسعار الأدوية تم تأجيلها عدة مرات لأسباب معينة، حتى شهر مايو، وتحديدا في 12 مايو 2024، بدأت هيئة الدواء في منح الشركات الموافقات اللازمة لرفع أسعار الأدوية بين 20% إلى 50% حسب اختلاف الأصناف، وذلك بعد حصول الهيئة نفسها على الضوء الأخضر من الحكومة، وبدأت هذه الزيادة تظهر في السوق بحلول نهاية الشهر، بعد اتخاذ الخطوات اللازمة، بسبب عراقيل لجنة التسعير داخل الهيئة، وبسبب خلافات بين رئيس الهيئة والشركات على عدد أصناف الأدوية التي سيتم رفعها لكل شركة، وانفرد القاهرة 24 وقتها بتحركات الأسعار.
تحريك أسعار الأدوية على مراحل
وأشارت المصادر، إلى أنه قبل إقرار زيادة أسعار الأدوية، كانت شركات صناعة الأدوية تعاني من فرط ارتفاع التكلفة عن المبيعات، مما جعلها تتخوف من تحقيق خسائر ربما تؤدي للإغلاق أو التخارج من السوق المصري، كما حدث مع رجال أعمال سابقين، خلال الأزمة الاقتصادية، وتحدث أصحاب الشركات عن هذه المخاوف مع رئيس هيئة الدواء، حتى أنه تم إخطار رئيس الوزراء بهذه المخاوف، وبضرورة تحريك أسعار الأدوية لتتناسب مع زيادة التكلفة على الشركات بعد ارتفاع سعر صرف الجنيه أمام الدولار، خاصة وأن رئيس هيئة الدواء، كان يريد منح كل شركة أدوية 5% فقط نسبة للزيادة من الأدوية التي تنتجها، في تلك الفترة، لعدم التأثير على السوق، وهو ما رفضته الشركات بسبب ارتفاع التكلفة على كافة الأدوية، وقالوا لرئيس هيئة الدواء إنهم سيطلبون اجتماعا مع رئيس الوزراء، ويعرضون عليه رفض الهيئة زيادة أسعار الأدوية.
ومن هنا ننتقل، إلى أول لقاء بين شركات الأدوية ورئيس الوزراء المصري، بعد تحرير سعر الصرف، والذي ضم الدكتور ماجد جورج، رئيس المجلس التصديري لصناعة الأدوية، والدكتور أحمد حجازي، وكيل المجلس التصديري للصناعات الطبية والدوائية، والدكتور هشام الفتي، وكيل المجلس التصديري لصناعة الأدوية، والدكتور جمال الليثي، رئيس غرفة صناعة الأدوية، والدكتور رياض أرمانيوس، وكيل غرفة صناعة الأدوية، والدكتور يسري نوار، عضو مجلس إدارة غرفة صناعة الأدوية، بحسب بيان على موقع رئاسة الوزراء، لكن البيان لم يشير إلى الحديث عن تسعير الأدوية، سوى في سطر عن تصريح لرئيس غرفة الأدوية بأنه طرح رؤيته لتوطين صناعة خامات الأدوية، والحوافز المطلوبة لتوطين هذه الصناعة الحيوية.
وأوضحت المصادر، أن اللقاء تناول الحديث عن تسعير الأدوية، حتى أن رئيس الوزراء طلب من رئيس هيئة الدواء سرعة الانتهاء من العرض الخاص به، حتى يتسنى له سماع أصحاب شركات الأدوية.
وجود نظام تسعير للأدوية مرن وشفاف
وعرضت شركات الأدوية على رئيس الوزراء، ضرورة وجود نظام تسعير للأدوية مرن وشفاف يحقق القيمة العادلة لصناعة الأدوية في مصر، يشمل أسعار المدخلات وتأثير سعر الصرف والتضخم في مصر وأسعار الفائدة البنكية، مضيفين أن التكلفة ارتفعت 80% على مصانع الأدوية، وتوطين صناعة الأدوية والتصدير، لا بد لها أن تحصل على شهادات الجودة العالمية والخليجية، وتسجيل المصانع في الدول المراد التصدير لها، وتسجيل الأدوية في الدول المراد التصدير لها وهذا يتطلب نصف مليار دولار لتحقيقه.
وعرضت الشركات على رئيس الوزراء، ضرورة توفير تمويلات بنكية دولارية بفائدة 5-8% حتى تستطيع المصانع الوقوف على أقدامها والتصدير للخارج، بما لا يقل عن 50% من الإنتاج، وليس أقل من ذلك لأن الاعتماد على السوق المصري وحده ربما يؤدي لفشل المصنع، وفق المصادر.
ولفتت المصادر إلى أن رئيس الوزراء عرض على المصنعين منحهم الأراضي مجانا، بل وإنشاء مصانع ومنحها لهم مجانا، بشرط أن يشتري المصنعون الماكينات والآلات لتصنيع الأدوية في مصر، كنوع من الحوافز المثالية لتعزيز صناعة الدواء في مصر لتقليل فاتورة الاستيراد بقدر الإمكان وتخفيف الضغط عن السيولة الدولارية في مصر.
ووفق المصادر، عرضت شركات صناعة الأدوية، على رئيس الوزراء، ضرورة تحريك أسعار الأدوية، حتى لا تنهار الشركات، وأن هناك نوعا من التباطؤ في هيئة الدواء لمنح الموافقات اللازمة لإعادة تسعير الأدوية، وهو ما تسبب في غضب رئيس الوزراء، وتأكيده على استعداده التوقيع الفوري على قرارات تسعير الأدوية، حتى يتسنى للشركات الاستمرار والقدرة على التصدير وتوطين الصناعة، حتى أنه قال إن هناك حالة من التشاحن وصعوبة التواصل بين هيئة الدواء وشركات الأدوية، وهو أمر غير مرضي للحكومة، وأنه طالب عدة مرات بتشكيل لجنة للنظر في تسعير الأدوية كل 6 أشهر، لكن القرار لم يفعل، كما وجه الدكتور خالد عبد الغفار وزير الصحة ونائب رئيس الوزراء الحالي، بتولي ملف تسعير الأدوية في ذلك الوقت ودراسة مطالب الشركات، وأيضا طلب من الشركات عقد اجتماع مع هيئة الدواء وموافاته بطلبات الشركات النهائية لتسهيل عملهم وإعادة ضخ الدواء بقوة في مصر وتوفير الأدوية الناقصة من السوق.
رئيس الوزراء يصرح رسميا برفع الأدوية لضبط السوق
بعدها بشهرين، أكد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء في مؤتمر صحفي، جانبا من هذه الكواليس، وذكر في يوليو الماضي، أن الأدوية المحلية تعتبر من أرخص دولة العالم في أسعار الأدوية، ولذلك تواجه السوق المحلية مشكلات تهريب الأدوية، لأن الأدوية تباع في الخارج بأسعار تصل إلى 30 و50 ضعف لسعره بمصر.
وأضاف مدبولي خلال مؤتمر صحفي له، أنه سيتم تحريك أسعار الدواء بنسب بسيطة ومحدودة، في بعض المجموعات الدوائية، وذلك بداية من الآن وحتى نهاية العام الحالي، وذلك للحد من أزمة نقص الأدوية، مؤكدا: الدولة حريصة على تثبيت سعر الدواء.
بعد تصريحات رئيس الوزراء بساعات بدأت الموافقات تدريجيا، تصدر لتحريك أسعار بعض أصناف الأدوية، من قبل هيئة الدواء، وبرر مصدر دوائي مطلع، لـ القاهرة 24، اتباع هيئة الدواء المصرية سياسة التحريك المرحلي وبنسب بسيطة ومحدودة، بأنها تفادت إحداث صدمة للمواطن المصري، مراعية بذلك البعد الاجتماعي، مشيرًا إلى أن هذه النسب لم تكن مرضية لشركات الأدوية، ولم تحقق المستهدف منها، وهو تقليل أعباء وتكاليف صناعة الدواء في مصر.
رئيس هيئة الدواء يتحدث عن أزمة نقص الأدوية دون الخوض في أسعار
بعض من هذه التصريحات الشائكة، تحدث عنها رئيس هيئة الدواء المصرية، الدكتور علي الغمراوي، خلال مقابلة مع القاهرة 24، قال فيها إن أبرز العقبات التي كانت سببًا في نواقص الأدوية في الفترة السابقة هي تدبير العملة الأجنبية اللازمة لاستيراد المواد الخام؛ مما أثر تدريجيًا على حجم المخزون الاستراتيجي لعدد من الخامات ذات معدلات الاستهلاك المرتفع، وكذلك تراجع مستويات الاستيراد والإنتاج في الفترة السابقة لعدد محدد من المستحضرات الخاصة بمجموعات علاجية محددة مما أثر على معدلات توافرها بالأسواق.
ويضيف الغمراوي وهو صديق مقرب لأصحاب الشركات الدوائية على حد وصفهم له في مناسبات مختلفة: بالفعل جرى التصدي لنقص الأدوية مباشرة، عقب تحريك الدولة سعر الصرف وتوفير العملة الأجنبية والاعتمادات المطلوبة للاستيراد، فقد زادت كميات الاستيراد لأدوية الأمراض المزمنة والإسراع من الإفراج عن الخامات الدوائية المهمة سواء الفعالة وغير الفعالة؛ مما أسهم بشكل كبير في عودة معدلات الإنتاج لدى المصانع المحلية إلى المعدلات الطبيعية المعهودة لتوفير الأدوية بمستويات وكميات تلائم الاستهلاك المحلي.
خلال المقابلة، رفض الغمراوي الحديث عن موجة رفع أسعار الأدوية، لكنه قال إن الدروس المستفادة من أزمة نقص الأدوية ولمنع تكرارها، هي عدم معاملة الهيئة لـ الدواء كغيره من السلع، فأصبح أولوية الدولة في تدبير العملة الأجنبية؛ لأن سلسلة تصنيع وتوزيع الدواء طويلة وتستغرق أشهر لتوافره في الصيدليات.
صادرات شركات الأدوية خلال 2023
وقال الدكتور ماجد جورج، رئيس المجلس التصديري للصناعات الطبية والأدوية، لـ القاهرة 24، إن صادرات القطاع بلغت 613 مليون دولار خلال العام الماضى 2023 موزعة بواقع 283 مليون دولار لصادرات الأدوية و211 مليون دولار لمستحضرات التجميل و120 مليون دولار للمستلزمات الطبية، لكن هذه الأرقام جاءت مختلفة مع بيانات هيئة الدواء التي قالت في بيان في 25 ديسمبر 2023، إن صادرات القطاع تجاوزت مليار دولار.
وكانت صادرات الأدوية ومستحضرات التجميل والمستلزمات الطبية المصرية خلال عام 2022 مرتفعة بنسبة 38.8%، عند 968 مليون دولار، مقابل 697 مليون دولار فى 2021.
حالات مرضية يوميا لم تجد الأدوية المطلوبة
وقال الدكتور عادل عبد المقصود، عضو شعبة الصيدليات في اتحاد الغرف التجارية، إن رفع أسعار الأدوية بين 25-100% الذي اتخذته هيئة الدواء المصرية، لبعض أصناف الأدوية من شأنه أن يحفز الشركات المصرية على زيادة الإنتاج وضخ مزيد من الأدوية في السوق المحلي.
وواصل عبد المقصود في تصريحات لـ القاهرة 24، أن بعض الشركات لا يوجد لها أدوية في السوق المصرية، ومنها شركة آمون التي تنتج أدوية شهيرة للقلب والأعصاب والجهاز التنفسي، وغيرها من الشركات الكبرى.
وأشار عضو شعبة الصيدليات، إلى أن السوق شهد نقص شديد في أدوية القلب والغدة وبعض الفيتامينات، وأدوية الضغط والجهاز التنفسي والأعصاب، لافتا إلى أنه يوميا كان يعرض عليه حالات مرضية لا تجد الأدوية المطلوبة، في معظم الصيدليات المصرية.
وذكر رئيس غرفة صناعة الأدوية، جمال الليثي لـ القاهرة 24 في وقت سابق، أن هيئة الدواء تتابع بصورة شبهة يومية مخزون الخامات، والمنتج التام الصنع في مصر، وحركة الإنتاج.
واستكمل رئيس غرفة صناعة الأدوية، بأن الشركات العاملة في قطاع الأدوية إذا اوقفت البيع لمدة شهر واحد، فإن هذا سيؤدي لخسارة العام بأكمله.
حجم مبيعات الأدوية في مصر
في شهر يوليو الذي أعلن فيه رئيس الوزراء رفع أسعار الأدوية، صعدت مبيعات الدواء إلى 17 مليار جنيه مستحوذة على النسبة الأكبر على مدار العام، من نحو 130 مليار جنيه خلال الأشهر الثمانية الأولى من عام 2024، وشهدت فترة الـ9 أشهر زيادة تتجاوز 45% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي والتي شهدت تحقيق مبيعات قيمتها 88.5 مليار جنيه، بحسب رئيس شعبة الأدوية باتحاد الغرف التجارية في مصر علي عوف.
وقال عوف إن مبيعات الأدوية في مصر زادت بقيمة تتراوح بين 22 و24 مليار جنيه خلال أغسطس الماضي، مقارنة بشهر يوليو، وهي القيمة الأعلى شهريًا للقطاع على الإطلاق، بفضل عودة نشاط توفير بعض أصناف الأدوية.
تحوي السوق المصرية نحو 17 ألف مستحضر دوائي تنتج عبر أكثر من 170 مصنعًا للدواء، ومئات الشركات المصنعة لدى الغير، بحسب تقديرات غرفة صناعة الدواء باتحاد الصناعات.
سجلت مبيعات الأدوية في مصر نحو 154.7 مليار جنيه خلال عام 2023 الماضي، بزيادة 25% مقارنة بعام 2022، فيما تراجع عدد العبوات المباعة بنسبة 7.3% إلى 3 مليارات عبوة خلال العام نفسه.
1500 صيدلية أغلقت بسبب خسائر رفع أسعار الأدوية
كشف الدكتور حاتم البدوي، أمين عام شعبة الصيدليات باتحاد الغرف التجارية، في تصريحات سابقة، لـ القاهرة 24، عن غلق 1500 صيدلية بناء على طلب وإرادة أصحابها؛ لعدم قدرتهم على الاستمرار في ظل تعرضهم لمجموعة من المشاكل الاقتصادية.
وأوضح البدوي، أن قرارات هيئة الدواء المصرية خلال السنوات الماضية برفع وزيادة أسعار بعض الأصناف الدوائية؛ تسبب في غلق هذا العدد من الصيدليات، مشيرا إلى أنه من المتوقع زيادة هذا العدد خلال العام الجاري.
وبحسب البدوي فإن هناك تأثيرات جانبية على الصيدليات لرفع أسعار الأدوية كما يلي:
-تآكل رأس مال الصيدليات نتيجة زيادة أسعار الأدوية.
-انخفاض هامش الربح للصيدلي.
-وجود تسعيرتين للدواء.
-عدم سحب الشركات الدوائية للمستحضرات المنتهية الصلاحية.
وأوضح أمين عام شعبة الصيدليات أن هيئة الدواء المصرية لم تأخذ بعين الاعتبار مطالب الصيادلة وما يواجهونه من أزمات، مشددًا على ضرورة مراعاة دور الصيدليات في تأمين الأدوية للمرضى، حيث يبلغ عددها 85 ألف صيدلية على مستوى الجمهورية.
وأشار حاتم البدوي إلى أن عدم التزام الشركات بهامش الربح للصيدلي والمحدد بموجب قرار وزير الصحة رقم 499 لسنة 2012، وذلك نتيجة توريد الشركات إلى وسيط وهي المخازن، التي تتقاسم هامش ربح الصيدلي، ليصبح أقصى هامش ربح 8%.
طرق تعامل المواطنين مع نقص الأدوية وانتشار أدوية السوق السوداء
في تعامل المواطنين مع أزمة نقص الأدوية التي حلت بالسوق المصري خلال 2024، اتجه عدد كبير إلى صيدليات الإسعاف المنتشرة في عدة مناطق في القاهرة، وهي توفر الأدوية بأسعار مناسبة بدون زيادة سعرية “أوفر برايس”، أو عبر طلب أصحاب الأمراض لكميات محددة من الصيدليات يتم حجزها مسبقا، والحصول عليها بعد عدة أيام إن وجدت، وفق رصد لـ القاهرة 24 للسوق المصري، لكن مع انفراج الأزمة أصبحت الآن بحلول شهر نوفمبر هناك حالة انفراجة في تدبير الأدوية الناقصة بمعظم الصيدليات.
أما في السوق السوداء للأدوية، فكانت تتعدد مواردها، وكان أشهرها طلب الأدوية من المصريين القادمين من الخارج من دول الخليج وأوروبا، ومع انتشار هذه الظاهرة، أصبحت تجارة سوداء في السوق، وكان منها توفير الأنسولين وبعض الأدوية لأصحاب الأمراض المزمنة بسعر مرتفع، كما قال ح.أ أحد المصريين في الخارج الذي طلب منه إحضار أدوية معه أثناء قدومه من الخارج.
وذكر مسافرين آخرين، أن بعض سماسرة الأدوية كانوا يعرضون عليهم إحضار كميات من الأدوية، وشراءها منهم بسعر أعلى، أو منحهم قيمة تذكر السفر في مقابل شراء الأدوية بنفس السعر الأصلي لها والدفع بالعملة الصعبة، وهي خيارات كانت شبه مربحة للعديد، ولكنها لم تكن تجارة تحقق ثراء على نطاق واسع.
كيف ينظر أصحاب شركات ومصانع الأدوية لأزمة نقص الأدوية وحلها؟
قال الدكتور السيد هنداوي، رئيس مجلس إدارة شركة ماش بريمير للأدوية، في تصريحات لـ القاهرة 24، إن تحريك سعر الصرف الأخير في مارس الماضي، رفع تكلفة صناعة الأدوية على الشركات المصرية بنحو 60% دفعة واحدة، نظرا لاعتماد مصانع الأدوية المصرية على استيراد مدخلات الإنتاج بشكل كامل.
وأضاف أن نقص الأدوية الشديد في السوق، يرجع لتعرض شركات الأدوية المصرية لخسائر خلال آخر عامين بسبب تحرك سعر الصرف ونقص توفير الدولار لكافة تدابير الاستيراد، وأيضا للتسعير الجبري للأدوية، مضيفا أن تسعير الأدوية جبريا، يلزم المصنع بسعر محدد، وعند ارتفاع تكلفة الإنتاج بسبب الدولار، فإن المصنع لا يستطيع رفع السعر بشكل اختياري في السوق المصري، وبالتالي فإنه يخفض الإنتاج حتى يتفادى الخسائر، وهو ما حدث مع مصانع الأدوية المصرية خلال آخر عامين.
تجدر الإشارة إلى أن تحقيق القاهرة 24 الحالي، يتكامل مع مجموعة تحقيقات تستهدف الجانب الخفي لسوق الأدوية في مصر، منها ما يلي:
مصادر: شركة المتحدة للصيادلة تسعى للعودة إلى السوق بعد انهيارها.. وجدولة قروض بمليارات
من سرقة القروض لبيع العلامات التجارية.. رجال أعمال وراء انهيار سوق الأدوية والصيدليات بمصر| خاص