شكرا على متابعتكم خبر عن القتال بالبرندات العالمية المُقلدة.. الجولاني وأتباعه يواكبون الموضة ويخلعون العباءة والسروال
تقارير وتحقيقات
الجولاني ومقاتلو هيئة تحرير الشام
بدلة عسكرية وبنطال تكتيكي بلون زيتي بدلا من الجلباب والسراويل القصيرة، وأيضًا كاب بديلا عن العمامة.. ما سبق مثّل ظهورا لافتا لـ أبو محمد الجولاني أو أحمد الشرع القائد العام لإدارة العمليات العسكرية وزعيم هيئة تحرير الشام في سوريا، بعد أيام من العمليات العسكرية وهروب بشار الأسد وانسحاب الجيش السوري، وما تلاها من مشاهد تابعها الكثيرون.
ظهر الجولاني؛ خلال مقابلة تليفزيونية أجراها مع قناة CNN، بملابس ميدانية زيتية، على غرار تلك التي يرتديها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، حاولنا في البداية البحث عن العلامة التجارية التي كانت تحملها بدلته لكن دون جدوى، وبعدها بساعات ظهر الرجل في محراب المسجد الأموي وهو يبتهل ويدعو؛ ثم من أعلى جبل قاسيون لتلتقط صورة له من الخلف وهو ينظر إلى الأمام كأنه يستشرف المستقبل في تلك البقعة من أرض الشام، ويظهر على القميص وقد كتب عليه EMERSONGEAR وهي شركة صينية متخصصة في إنتاج هذا النوع من الملابس.
الملابس العسكرية تباع عبر التطبيقات الشهيرة
تلك الصورة كانت كفيلة بأن تجيب على هذا التساؤل الذي راود الكثيرين وهو من أين يأتي الشرع، بملابس عسكرية تبدو أنيقة وتحمل علامات تجارية لشركات عالمية متخصصة في إنتاج هذه النوعية من الملابس التكتيكية والعسكرية، كما أن مقاتليه خلعوا العباءات والسراويل القديمة وارتدوا بدلات وخوذات وحقائب تحمل علامات لشركات أمريكية وصينية وتركية.
في البداية، حرصنا على البحث عن إمكانية الحصول على قميص شبيه لهذا القميص الذي يرتديه أحمد الشرع القائد العام لإدارة العمليات العسكرية في سوريا، وذلك عبر منصات وتطبيقات البيع الإلكترونية الشهيرة، لم يكلف الأمر سوى ثوانٍ معدودة لنجد أن القميص الشهير يباع عبر موقع أمازن الشهير تحت قميص تخييم بسعر 92.95 دولار للقطعة الواحدة، مع إمكانية شحنه وتوصليه إلى كثير من بلدان العالم إن لم يكن كلها.
شركة EMERSONGEAR الصينية وعلاقتها بقميص الجولاني
سرعان ما أرسلنا عددا من الأسئلة إلى شركة EMERSONGEAR الصينية المتخصصة في إنتاج الملابس العسكرية والتكتيكية والتي تصدر منتجاتها لأكثر من 80 دولة حول العالم، من أجل معرفة حقيقة وصول منتجاتها إلى سوريا وبخاصة الفصائل المسلحة هناك، والتي جاء ردها سريعا وجازما بأنها تعرفت لأول مرة على هذه الصور التي أرسلنها لها.
وكشفت شركة EMERSONGEAR الصينية المتخصصة في صناعة الملابس العسكرية والمعدات التكتيكية، بأنها لا تعرف الأفراد والجماعات الذين ظهروا بالصور المرسلة لهم، كما أنهم غير متأكدين من المصدر الذي حصل هؤلاء الأفراد على منتجاتهم منه، معقبين: كثير من منتجاتنا تباع عبر تطبيقات التسوق الإلكتروني الشهيرة ويمكن الحصول عليها من خلالها.
ونفت شركة EMERSONGEAR الصينية، بشكل قاطع علاقتها بتلك البدلة التي يرتديها الجولاني، وتحمل علامة تشبه إلى حد كبير علامتهم التجارية، مؤكدة بأن التي يرتديها قائد هيئة تحرير الشام بالـ “مزيفة”.
وحرصت الشركة الصينية على أن ترسل لنا صورة تقريبية وتوضيحية تثبت صحة قولهم، وأن النموذج الذي ارتداه الجولاني؛ هو قميص مقلد لمنتجاتهم، موضحة من خلال الصور الاختلافات الجوهرية والبسيطة بينهما، وهو ما تم تأكيده لنا في الصورة الموضحة.
ملابس عسكرية مموهة تشبه التي ترتديها أقوى الجيوش
في التقرير الذي نشرته شركة الاستشارات الاستخباراتية لخدمات أبحاث التسلح (ARES)؛ عام 2016؛ والذي أظهر أنه من خلال تحليل بعض الصور للمجموعات المسلحة في سوريا، فقط لوحظ هناك وعلى نطاق واسع ارتدائهم للملابس المموهة وكذلك للسترات الواقية وحاملات الذخائر والحقائب والأحزمة، وفي أماكن أخرى يرتدي العديد من المقاتلين ملابس يومية مثل القمصان والسراويل العسكرية، وكثيرًا ما يكملها أي معدات تكتيكية يمكن الحصول عليها.
وكشف تقرير خدمات أبحاث التسلح (ARES)؛ أنه يمكن الحصول على هذه الملابس من مصادر متنوعة؛ حيث يتم الاستيلاء على بعض منها من القوات الحكومية أو غيرها من الجهات الفاعلة غير الحكومية، كما يتم شراء البعض الآخر محليًا، في حين قد يتم شراء القليل منها من قبل مجموعات أو أفراد من الخارج، أو يتم توفيرها من قبل المتعاطفين أو المؤيدين لهم، مشيرا إلى أن الصورة تظهر 4 أنماط للملابس التمويهية والتي تشبه إلى حد كبير التمويه الذي تنتجه الشركات ويستخدم لعدد من الجيوش ومنها الأمريكي والبريطاني والإسباني.
رواج بيع الملابس العسكرية والمعدات التكتيكية في سوريا
أكتر المنتجات تصنيع محلي. شغل سوريا وشعب سوريا الحر.. رد مباشر من صاحب أحد محال بيع الملابس العسكرية في مدينة حلب السورية – والذي رفض التصريح باسمه- مؤكدا أن أكثر البدلات العسكرية التي يرتديها مقاتلي هيئة تحرير الشام وقوات الجيش السوري الحر وبعض الفصائل الأخرى هي “غنائم” من الجيش السوري التابع لبشار الأسد وكذلك من الجماعات الانفصالية الأخرى ومنها قولت الـ PKK؛ التابع لحزب العمال الكردستاني، مضيفا: يعني امبارح الشباب اغتنموا من الحزب الانفصالي حوالي 300 جاكيت مموه من ماركة “5.11” الأمريكية.. وكلها بتصير للمقاتلين السوريين.
ويضيف صاحب أحد محال بيع الملابس العسكرية في مدينة حلب السورية، أنه طوال 12 عاما من اندلاع الثورة السورية على نظام بشار الأسد؛ شهدت تجارة الملابس العسكرية والمعدات التكتيكية رواجا كبيرا في بعض المدن هناك، مشيرا إلى أنه في الوقت نفسه كانت المصانع المحلية المتخصصة في صناعة تلك البدلات تعمل بشكل دائم وتعتمد في الأساس على تقليد منتجات الشركات العالمية الشهيرة في هذا المجال ووضع علامتها التجارية.
وأوضح بأن السوق السوري يعتمد بشكل أساسي على البدلات والملابس والأحذية والحقائب وحاملات الذخيرة المحلية “المقلدة”، كما أنه يتم بيع البعض المستورد من الصين وغيرها؛ والتي تدخل للأراضي السورية عن طريق شبكات تهريب.
وأفاد بأن الأسعار تتفاوت بشكل كبير ويرجع ذلك إلى الخامات المستخدمة سواء كانت محلية أو مستوردة، وعلى سبيل المثال يتراوح سعر البدلات المحلية من 17 لـ 20 دولارا، بينما يصل سعر البدلة العسكرية الأمريكية من ماركة 5.11 لـ 30 دولارا، لافتا إلى أن كثير من الخوذات التكتيكية الموجودة في سوريا هي روسية ويتم تعديلها داخل ورش محلية لتكتسب شكلا جديدا وتتلاءم مع متطلبات المقاتلين هناك.
الجولاني من الملابس العسكرية إلى البدلة المدنية
من خلال التصفح داخل صفحات محلات بيع الملابس العسكرية في سوريا، تجد بأنه سوق كبير للغاية يجتذب الكثير من المنتجات لماركات عالمية من كثير من الدول فالأحذية منها التركية والألمانية والفيتنامية والسلوفاكية، بينما الخوذات والقطع البلاستيكية لحماية الكوع والركبتين صناعة روسية، والبدلات والقمصان والبناطيل إما أن تكون صينية أو تركية هذا بجانب الحقائب وحاملات مخازن الذخيرة.
ومنذ 3 سنوات؛ استضاف الصحفي الأمريكي الشهير مارتن سميث؛ في حوار تليفزيوني أبو محمد الجولاني والذي ظهر حينها مرتديا بدلة رسمية لونها أسود، حينها اعتبرت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، أن التحول في خزانة ملابس زعيم هيئة تحرير الشام، أبو محمد الجولاني، جزء من عملية مدروسة لإعادة إخراج صورة الجماعة التي صنفتها الولايات المتحدة وتركيا كجماعة إرهابية، في ذلك التوقيت وحتى وقت قريب، وكذلك لمحاولة لضمان حصة في مستقبل سوريا.
وأضافت الصحيفة في تقريرها، أن الجولاني يريد إقناع المجتمع الدولي بأن هيئة تحرير الشام؛ ليست كما تزعم الولايات المتحدة بأنها أكبر ملجأ للقاعدة منذ هجمات 11 سبتمبر، وأنه لم يعد هناك ارتباط مع القاعدة.
وعلى مدار الأيام الماضية؛ يستقبل أحمد الشرع القائد العام لإدارة العمليات العسكرية وزعيم هيئة تحرير الشام في سوريا، الكثير من الوفود المحلية والإقليمية والدولية ووسائل الإعلام بملابس مدنية، وذلك داخل القصر الرئاسي السوري.