روسيا من سوريا إلى ليبيا.. صفقة مع تركيا أم مرحلة انتقالية بالبحر المتوسط؟

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!

شكرا على متابعتكم خبر عن روسيا من سوريا إلى ليبيا.. صفقة مع تركيا أم مرحلة انتقالية بالبحر المتوسط؟


تقارير وتحقيقات


سوريا

مع صبيحة يوم الثامن من ديسمبر عام 2024 ضجت الصحف والوكالات الدولية بنبأ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وريث أسرة الأسد المسيطرة على الحكم في سوريا منذ أكثر من نصف قرن، تبعها بساعات قليلة أنباءً بتحركات وانسحابات روسية من الأراضي السورية وتحديدًا قاعدتي حميميم وطرطوس السوريتين، ما أثار تساؤلات بشأن استعداد روسيا لمغادرة مياه البحر المتوسط، وترك قادتها البحرية الرئيسية في سوريا.

إلا أنه سرعان ما خرجت تقارير أمريكية وأوروبية بأن الدب الروسي وجه بوصلته إلى الضفة المقابلة للبحر المتوسط على الشواطئ الليبية وظهور صور تكشف عن طائرات شحن روسية تنقل معدات وأسلحة دفاع جوي روسية من سوريا، ليتبين أن القوات الروسية عملت على الاستعداد للخروج من الأراضي السورية بشكل جزئي أو كلي قبل سقوط نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد، ما أثار مخاوف بشأن اتفاق روسي تركي أو ما يمكن وصفه بصفقة بين روسيا وتركيا لتبادل النفوذ من سوريا إلى ليبيا والعكس، حتى تتمكن روسيا من الحفاظ على موطئ قدم بحري خارج روسيا، خاصة أن قاعدة طرطوس البحرية هي الوحيدة من نوعها لروسيا خارج الأراضي السوفيتية.

صفقة بين روسيا وتركيا

ومن جانبه أكد رامي عبد الرحمن مدير المرصد السوري لحقوق الانسان، أن هناك صفقة أبرمت بين أنقرة وموسكو بشأن سوريا وليبيا، معللا ذلك بتأكده أن أوامر عدم مشاركة الجيش السوري ضد هيئة تحرير الشام والفصائل السورية جاء بقرار من روسيا عبر اتصالات أجرتها موسكو مع قيادات الجيش لتحيدهم من الأحداث تمهيدًا لإسقاط الأسد.

فوات روسيا في سوريا 

وأضاف عبد الرحمن في تصريحات لـ القاهرة 24، أن روسيا المحرك الرئيسي في عدم قتال الجيش وانسحابه من حلب وحمص ودمشق، لتصل بذلك تركيا عبر الإدارة الحالية إلى السيطرة على كامل القرار السوري مردفًا: “حديث وزير الخارجية التركي هو خارطة طريق للإدارة السورية”.

وأوضح مدير المرصد السوري، أنه عقب تلك التيسيرات بانسحاب الجيش السوري وسيطرة الإدارة الحالية على السلطة في البلاد، باتت تركيا هي من تسيطر على القرار في سوريا وتسيطر عليها سياسيًا واقتصاديًا عدا أجزاء صغيرة مثل درعا، أو بعض المناطق في دير الزور والرقة.

الإخوان تروج وليبيا بلا قواعد روسية

فيما يرى الدكتور محمد الزبيدي، أستاذ القانون الدولي والمحلل السياسي الليبي، أن الحديث عن وجود صفقة بين روسيا وتركيا بشأن تبادل النفوذ في ليبيا وسوريا غير صحيح، وأنها ناجمة من تقارير لجماعة الإخوان لاستعداء الغرب الليبي على الجيش الليبي في شرق البلاد.

قاعدة طرطوس الروسية في سوريا

وتابع الزبيدي لـ القاهرة 24، أنه لا توجد أي قواعد روسية في الأراضي الليبية، وأن هناك ثلاثة قواعد تركية في غرب ليبيا أي خارج نطاق الجيش الليبي المتواجد شرق البلاد، بينهما قاعدتان بحريتان وقاعدة جوية.

وعلل السياسي الليبي تأكيداته بعدم وجود صفقة بأن تركيا ضمنت وجودها في سوريا وفي ليبيا وليس هناك ما يستدعيها لعقد صفقات، قائلا: روسيا إن خرجت من طرطوس وحميميم فلا مكان لها على ضفاف المتوسط”.

تركيا الرابح الوحيد في سوريا

وهو ما يؤيده المحلل السياسي الليبي فرج فركاش، بأن ما حدث في سوريا بسقوط نظام بشار الأسد ووصول الإدارة الحالية يشير إلى أن الرابح الحقيقي فيه هو تركيا، إلا أنه لا يرى أن ذلك تم على حساب تخلي تركيا عن نفوذها في ليبيا خاصة في الغرب الليبي.

فركاش أوضح لـ القاهرة 24 أيضًا أن الإدارة السورية الجديدة لم تصدر مطالب علنية لروسيا بمغادرة أراضيها والخروج من قواعدها في سوريا، خاصة وأن سوريا في وضع حرج لا تستطيع معاداة أي طرف دولي خاصة روسيا، وأن تركيا تلتقي في بعض المصالح مع روسيا لذلك ستعمل على التنسيق مع الإدارة السورية بشأن تلك التحركات.

وتابع المحلل السياسي الليبي، أن دمشق يمكن أن تستخدم تركيا كوسيط في أي مفاوضات مع روسيا وأوروبا وأمريكا، لذلك لن تستعدي أي دولة في الوقت الراهن وخاصة روسيا.

وفيما يتعلق بليبيا، يشير المحلل السياسي الليبي فرج فركاش أيضًا إلى أن موسكو تنظر إلى ليبيا كقاعدة انطلاق الى دول الساحل في افريقيا لتوسيع نفوذها في عدة دول من بينها مالي وبوركينا فاسو وافريقيا الوسطى، كما تنظر (أي روسيا) إلى ليبيا كموقع استراتيجي جنوب بحر المتوسط تستطيع من خلاله تهديد قواعد حلف الناتو في شمال المتوسط والتأثير على موارد النفط والغاز وطرق الهجرة غير الشرعية التي دائما تتخوف منها أوروبا.

تحرك القوات الروسية من سوريا إلى ليبيا

إلا أنه أضاف أنه لا يوجد تأكيدات من قبل الجيش الليبي بشأن تواجد روسي دائم في شرق ليبيا والذي من شأنه أن يتطلب إبرام اتفاقيات رسمية وشرعية مع السلطات الشرعية المعترف بها دوليا، وأن تلك التحركات قد تؤدي بليبيا إلى ورقة ضمن الأوراق التي تتفاوض بها روسيا عقب تسلم الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب للسلطة في 20 يناير الجاري، خاصة مع حالة عدم الاستقرار الحالية في ليبيا والتي هي قابلة لتكرار نسخة الأحداث السورية الأخيرة.

مرحلة انتقالية لروسيا وليست صفقة

بينما لا يستبعد أيوب الأوجلي المحلل السياسي الليبي، وجود تفاهمات بين تركيا وروسيا في ظل التطورات الأخيرة وبالتزامن مع قرب استلام ترامب مقاليد الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية.

ويضيف لـ القاهرة 24، أن تحول ليبيا إلى قاعدة رئيسية لروسيا في البحر المتوسط غير وارد في الوقت الحالي، إذ لن تسمح أمريكا لبوتين بالتواجد الدائم على سواحل ليبيا بما يهدد مصالحها في المنطقة بشكل كبير، كما أن التواجد الروسي على سواحل ليبيا من شأنه أن يتسبب في اختلال التوازنات الإقليمية والدولية وزعزعة الأمن في المنطقة بشكل أكثر حدة ويفتح بابًا للصراع في ليبيا أكثر احتدامًا.

سوريا وليبيا

وأوضح أن المساعي والتحركات الروسية تأتي كمحاولة من موسكو لتثبيت أقدامها في الشرق الليبي، إلا أن الأوضاع الإقليمية لن تسمح بخلق قاعدة روسية رئيسية في شرق ليبيا والتي من شأنها أن تؤثر على دول الجوار أيضًا، مرجحًا أن يكون هناك تواجد روسي أقل في ليبيا، وأن ما يجري يمكن أن يكون مرحلة انتقالية من قبل موسكو ضمن تفاهمات لنقل أسلحتها إلى منطقة أخرى وليس البقاء في ليبيا بشكل دائم.

‫0 تعليق

اترك تعليقاً